أكثر شخص محيرنى فى قضية التخابر ليس محمد مرسى ولا محمد البلتاجى ولا محمد بديع ولكنه محمد الطهطاوى، حفيد رفاعة الطهطاوى، إنها صدمة أن يصبح حفيد رفاعة الطهطاوى، رائد التنوير ومعلم الوطنية، متهماً بالتخابر، صدمة أن المؤتمن على أسرار ديوان الرئاسة يرسل إلى مخابرات خارجية حماسية إيرانية أمريكانية التقارير مباشرة من مطبخ الرئاسة إلى غرف عمليات أعداء مصر، صدمة وكارثة ومأساة أن حفيد الطهطاوى، الأزهرى المصرى حتى النخاع، يصير دمية فى يد مرسى العميل، والإخوان الخونة، صدمة وكارثة ومأساة أن سفيراً سابقاً ومسئولاً فى الخارجية نكتشف فجأة أنه كان خصماً وليس سفيراً، كان خلية إخوانية نائمة وليس خلية وطنية يقظة، هل لم تقرأ لجدك يا رئيس ديوان مرسى ما قاله عن معنى الوطن والوطنية؟!، إذا كنت لم تقرأ سنقرأ لك نحن، هى فعلاً قراءة متأخرة، قراءة غير مفيدة لك كإخوانى؛ لأن الإخوانية هى عقل مغلق وأذن صماء وعين عمياء، ولكنى سأقرأ لعلك يوماً وأنت ببدلة بيضاء أو حمراء داخل جدران السجن ترى طيف جدك الطهطاوى الأزهرى المعمم المستنير العظيم وهو يعلمك معنى الوطن والوطنية لعلك تستفيق بعد فوات الأوان إفاقة الغيبوبة وطرفة عين ما قبل الموت الإكلينيكى، اقرأ ما قاله الطهطاوى الجد عن الوطن حين وصفه قائلاً: «عش الإنسان الذى فيه درج، ومنه خرج ومجمع أسرته، ومقطع سرته وهو البلد الذى نشأته تربته وغذاؤه وهواؤه، وربّاه نسيمه، وحلت عنه التمائم فيه»، ويتحدث عن واجبات الوطن قائلاً: «فالوطنى المخلص فى حب الوطن يفدى وطنه بجميع منافع نفسه، ويخدمه ببذل جميع ما يملك، ويفديه بروحه، ويدفع عنه كل من تعرض له بضرر كما يدفع الوالد عن ولده الشر، فينبغى أن تكون نية أبناء الوطن دائماً متوجهة فى حق وطنهم إلى الفضيلة والشرف، ولا يرتكبون شيئاً مما يخل بحقوق أوطانهم وإخوانهم، فيكون ميلهم لما فيه النفع والصلاح، كما أن الوطن نفسه يحمى عن ابنه جميع ما يضره، لما فيه هذه الصفات، فحب الأوطان وجلب المصالح العامة للإخوان من الصفات الجميلة التى تتمكن من كل واحد منهم محبوباً للآخرين، فما أسعد الإنسان الذى يميل بطبعه لإبعاد الشر عن وطنه ولو بإضرار نفسه، فصفة الوطنية لا تستدعى فقط أن يطلب الإنسان حقوقه الواجبة له على الوطن، بل يجب عليه أيضاً أن يؤدى الحقوق التى عليه للوطن، فإذا لم يوف أحد من أبناء الوطن بحقوق وطنه ضاعت حقوقه المدنية التى يستحقها على وطنه»، ويتكلم عن الأخوة فى الوطن قائلاً: «فجميع ما يجب على المؤمن لأخيه المؤمن يجب على أعضاء الوطن فى حقوق بعضهم على بعض، لما بينهم من الأخوة الوطنية، فضلاً عن الأخوة الدينية، فيجب أدباً لمن يجمعهم وطن واحد: التعاون على تحسين الوطن وتكميل نظامه فيما يخص شرف الوطن وإعظامه وغناءه وثروته، لأن الغنى إنما يتحصل من انتظام المعاملات وتحصيل المنافع العمومية، وهى تكون بين أهل الوطن على السوية».   هل احترمت واستوعبت كل ما قاله الجد أيها الحفيد، أم أن عمامة رأس الجد قد تحولت إلى غمامة على عينى الحفيد؟.